مارس 2021
خارجون عن القانون...منفيون من التاريخ ؟
أبواب السجون ضيقة كالحة و سوداء ، الداخل اليها في زمن الاستبداد مفقود و الخارج منها مولود.
أبواب السجون الضيقة لا تفتح على الخارج الفسيح و لا على الحياة و أفراحها و همومها، و لكن تفتح على داخل همجي و أسود.
كثير ممن ينعمون بالحياة و الرفاهية و الحرية لا يعلمون أنهم في الحقيقة يعيشون داخل سجن موحش و ضيق حين يوغلون رغم الاختيار و الحرية في حقوق الناس و الوطن.
هناك من تنزل عليه صاعقة الابواب الضيقة و ظلامها لأنه يوما ما لم يرضى ظلما لنفسه و أهله و ناسه و وطنه فوجد نفسه يدفع ثمن ذلك غربة و سجونا و أبوابا مغلقة عليه .
و هناك من يوغل في الظلم ينهب حق الآخرين و ثرواتهم ، اعتداء و تسلطا من أجل السلطة و الثروة ضانا أن لا أحد يقدر على اغلاق أي باب عليه فما بالك بباب سجن ضيق كالح و مقيت؟
و هناك من يمنحه القدر فرصة العمل للنفع العام فاذا به يوغل في نهب الثروات العامة و الخاصة دون رقيب و لا حسيب حتى يظن أن لا أحد و لا منظومة قادرة على الامساك به و دفعه وراء باب ضيق و كالح أسود و مهين .
و هناك من يعطيه القدر أملا لا مثيل له لكي يسجل اسمه في لائحة الرؤساء و العظماء و رجال الدولة و المصلحين فاذا به يغرق في كأس نبيذ نتن حتى ينسى أنه مؤمن على مصير ملايين الناس و ينسى أن يمضي واجباته كتلميذ كسول و غبي؟
الناس أنواع كثيرة ، الأغبياء و الكسالى و الكذابين و المتلهفين و الفساد و المتزندقين و الخونة و العابثين و اللاهين و القاصرين و العجزة ، و القائمة تطول . و لكنهم في الاخير نوعان ، نوع لا يعرف طريق الوطنية و الشهامة و الرجولة مهما تأنق و مهما تبرقش و مهما سكب على نفسه من العطور و الألقاب و مهما سرق و نهب و أكل و شرب و صال و جال و تحذلق ، فهو في الأخير مجرد عابر لباب سجن صغير اذا اختفى لن يفقده أحد و اذا عاد من أي بوابة شاء فالناس و الوطن و التاريخ و المستقبل سيدير له ظهره و لن يذكره أحد بخير.
و نوع آخر يسعى مستقيما قدر الامكان ، همه الوطن و الأمل و المستقبل، أملا في أن يجد الوطن يوما ما طريقه للنهوض و الرفعة و التطور و الانعتاق من كل أولائك الذين يصرون على النهب و الفساد و العناد.
يظن الاغلبية الغالبة من الفاسدين أنهم يمنعون أنفسهم بما كدسوا من ثروات و فساد ، أنهم سيهربون يوما ما من الحساب و العقاب و اللعنة فيوغلون ، حتى في آخر أيامهم ، في فساد أكبر و عناد مقيت و ألاعيب الأطفال القصر ؟
لا يعلم هؤلاء أن أبواب السجون ضيقة و سوداء و نتنة و مرعبة و خانقة ، و بداخلها لا أمل في أي شيء ؟ و أن أفظع من ذلك و أخطر هي أبواب التاريخ الصغيرة و الضيقة و الموحشة ؟؟
و الويل لمن خرج من تلك الأبواب الصغيرة الى لعنات الأبد؟؟؟