مارس 2021
قصص .. دامية…
عشق و عشاق...
في زمن مضى جمعت أسلحة العشق كلها ، و رميت بها كلها في البحر ... لم يعد حينها في البلد عشق و لا عشاق ....فلقد مشينا يوما ما وراء جنازة آخر آخر العشاق ... و آخر المعشوقين.
حمار يتبول ....
دخل حمار حظيرة فيها كثير من التبن و كثير من الروث الفاسد ...نهق ...و تبول ... و أكل من التبن المتعفن ... ثم نهق طويلا ... فلم يسمع لنهيقه صدى ... فتفطن بعد طول نهيق أن لا حمير في الحظيرة ... فجرى من شدة الفرح ... وتبول ... و واصل أكل التبن المتعفن .. و تنفس الروث الفاسد ... و نهق عاليا .. ثم أغمي عليه .
حديد صلب ...
قال قرد أجرب مخاطبا قردا يتخبط في حلة صفراء من صور الموز المتيبس :
هل تعرف ما معنى خرسانة مسلحة ؟
فأجاب القرد المتخبط :
موز اصفر...
فضحك القرد الأجرب و سأل ثانية :
و هل تعرف ما معنى حديد مسلح ؟
فاجاب القرد الذي يحاول أكل صور الموز المتيبس على الحلة الصفراء :
موز أصفر ، موز أصفر .
فسأله القرد الأجرب و هو يحك مؤخرته :
أيها القرد ، هل تعرف ما معنى الحديد الصلب ؟
أجاب القرد ، الذي لم ينفك عن الدوران حول نفسه ملاحقا صور الموز على حلته الصفراء :
الموز الأصفر ...قلت لك موز أصفر ..موز أصفر ..يا غبي ؟؟
فصاح القرد الأجرب و قفز عاليا ، و خبط صدره المنتفخ .. و قال :
و هل تعرف ما معنى الفولاذ أيها القرد الأصفر ؟
فأجابه القرد الدائر على نفسه :
موز أصفر يا غبي ..موز أصفر يا غبي .
بطة عرجاء ...
أراد كلب أسود ، تبدو عليه علامات ظاهرة لداء الكلب ، أراد أن يصبح متحولا إلى حصان سباق ، فذهب صحبة أخته ، واحدة من كلاب الجهات المنخفضة قرب سبخة تفوح منها روائح كريهة طوال السنة ، ذهبا إلى طبيب مختص في الجراحات المعقدة .
دخلا العيادة ، فإذا هي تمتلئ بكلاب من كل حدب و صوب ، ترتفع أصواتها في عراك محموم من أجل الحصول على رقم أولوية ... زمجر الكلب المصاب بداء الكلب و نبح عاليا ، واغتاظ و بدأ بعضّ كل من يعترضه ، فأوسعت له الكلاب الطريق حتى جلس أمام الطبيب ، ثم صاح :
أريد حصانا على الفور ... أريد التحول إلى حصان سباق على الفور و إلا قضيت ليك ؟
نظر إليه الطبيب و قال :
حاضر سيدي الكلب ، ما طلبت في الحين و الساعة ؟ هلا انبطحت على طاولة العملية حتى نبدأ التحول المبارك .
صمتت القاعة ، و تلصص الجميع من الباب شبه المفتوح ، شبح المغلق ، و الطبيب يضع كمامة الأوكسجين بعناية على فم الكلب المنبطح على طاولة طويلة ، و أخته تجلس قربا منه تنظر بشغف للطبيب ، و الطبيب لا يكف على غمزها من طرف عينه اليسرى و من تحت نظاراته السميكة ، ثم هوى فجأة على ذيل الكلب المصاب بداء الكلب بساطور فقطعه ، و سارع بغرزه في رقبته ، و فرّ هاربا مع الكلبة أخت الكلب المصاب بداء الكلب المتخبط في الدماء و في الغيبوبة ... و هو يحلم أنه صار بطة عرجاء .
هاتف في الفراغ ...
رن الهاتف في الطابق الحادي عشر من عمارة شاهقة لم تكتمل بعد ... و الشمس تبدو في كبد السماء ، و جهاز التكييف كان قد توقف منذ زمن بعيد ، صاح المدير الجالس خلف مكتب مكتظ بالأدوات و الأدباش و الملفات ، صاح بأعلى صوته :
- هل من أحد يرد على هذا الهاتف اللعين ؟
أجابته الكاتبة الغارقة في شيء ما ، من الغرفة المجاورة :
- لا يوجد أحد هنا سيدي ، نزل الجميع إلى الطابق السفلي .
رد المدير :
- عليك اللعنة ، ردي أنت ؟
فأجابته الكاتبة الغارقة في شيء ما :
- انه هاتفك الشخصي سيدي ، و هو أمامك ؟
و هي لا تنفك من الشيء الذي تغرق فيه ...
عليك اللعنة ، أين ذهب الجميع ؟ ...
قالت و هي لا زالت غارقة في شيء ما :
- عليك اللعنة ، ... إنهم يتظاهرون في الطابق السفلي سيدي ...
تواصل رنين الهاتف ، و المدير يغرق في شيء ما ...
- عليكم اللعنة جميعا ... هل من أحد يرد على الهاتف اللعين ...؟
تونس / أكتوبر 2013